الدكتور / توفيق محمد شبير
مدير مركز الإرشاد النفسي
تقوم الجامعات بدور أساسي في الإرتقاء بالمجتمعات، فهي مصدر اشعاع حضاري أكاديمي وبحثي وخدماتي، ولقد قامت الجامعة الإسلامية بدور مميز في هذه المجالات كافة، فهي الأولى الرائدة على مستوى فلسطين وبالأخص في قطاع غزة، حيث استجابت في كل المراحل لحاجات المجتمع والقضية بما يتلاءم مع مقتضيات تلك الحاجات بفعالية وكفاءة نادرة.
لقد تعرض المجتمع الفلسطيني إلى العدوان المتواصل منذ وعد بلفور (1917) مروراً بالنكبة والنكسة، وصولاً إلى حروب متكررة على الشعب لفلسطيني في الضفة والقطاع، كان آخرها ثلاثة حروب متتالية خلال ستة سنوات على قطاع غزة، الأمر الذي ترك أثاراً هائلة وقاسية على كل مظاهر الحياة وكان أكثرها خطورة الأثار الغائرة في النفوس نتيجة للصدمات النفسية والضغوط الهائلة المرتبطة بها، الأمر الذي أثر على الكثيريين بصور سالبة، ربما أدت إلى تطوير استجابات غير سوية لمواجهة تلك الضغوط والتعامل معها.
لقد تصدت الجامعة الإسلامية ممثلة في كلية التربية وقسم الإرشاد النفسي والتوجية التربوي، وذلك عبر مركز الإرشاد النفسي بالجامعة لهذا التحدي انطلاقاً من ثلاثة اعتبارات :
أولاً : الاعتبارات الانسانية – إن هدف التدخلات التي يقدمها مركز الإرشاد النفسي هو تخفيف آلام الانسان الفلسطيني الذي يتألم كغيره من البشر ويستحق العمل معه لتضميد الجراح ومساعدته على مواصلة حياته.
ثانياً : الاعتبارات الوطنية – يسعى الإحتلال على الدوام إلى تحطيم معنويات المجتمع الفلسطيني لدفعه إلى اليأس والضغوط ، وصولاً إلى التخلي عن الحقوق الوطنية ، عبر كل أدوات الحرب النفسية بما فيها القتل والدمار والحصار ، وإزاء ذلك يقوم مركز الإرشاد بدوره في الحفاظ على الصحة النفسية لمختلف فئات المجتمع وتجاوز آثار الحروب المدمرة على الإنسان الفلسطيني كدور مهني ووطني في الوقت نفسه في اطار معركة الإرادات الدائرة بين الاحتلال والمجتمع الفلسطيني.
ثالثاً : الاعتبارات الدينية – المهنيون النفسيون العاملون في مركز الإرشاد النفسي مكلفين بتفريج الكرب عن المكروبين ، وتخفيف المصاب عن المهمومين ” من فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة يوم القيامة ” .
فهي إذن رسالة انسانية وطنية دينية ينهض بها العاملون المهنيون في مركز الإرشاد النفسي بالجامعة الإسلامية بغزة بكل كفاءة واقتدار ، وذلك على امتداد سنوات عديدة،وبطريقة شمولية تتضمن الخدمات الطبية الدوائية ، والعلاج النفسي السلوكي والمعرفي ، اضافة إالى التدخلات التثقيفية والتنشيطية والتفريغية فهي خدمات وقائية نمائية علاجية ، كما تشمل خدمات البحث العلمي والقياس النفسي والتغذية الحيوية الراجعة ، حيث تستهدف طلبة الجامعة وذويهم والمجتمع الفلسطيني في قطاع غزة عامة.
هذه الجهود التي لا تعرف الكلل أو الملل لا يمكن أن تنجح بدون وجود فريق عمل مهني متعاون ومنسجم ، ودعم من الجامعة بمستوياتها الإدارية كافة ، كما أنها لن تكلل جهودها بالنجاح ما لم يحقق التعاون بين المركز وكل المؤسسات الرسمية والأهلية ذات العلاقة ، ومالم يتوفر الدعم المناسب من الجهات المانحة المهتمة بمساعدة الشعب الفلسطيني والجميع يستحق منا التقدير والعرفان.